ما هو فن كتابة اليوميات/ فن التعبير الكتابي؟
يعتبر فن تدوين اليوميات أو المذكّرات شكلا من أشكال الكتابة غير المكلف، حيث يقوم الفرد بكتابة وتسجيل أفكاره الخاصة ومشاعره وأهدافه وأحياناً كثيرة الأحداث التي حصلت معه. فيُعبّر بالطريقة هذه عمّا يدور في رأسه من آراء وأفكار وانطباعات أو عمّا يخالجه من أحاسيس ومشاعر..إلخ وتمنح هذه العملية البسيطة إمكانية كُبرى لتنشيط الدماغ البشريّ، يصل لحدّ تغيير طريقة التفكير لدى الأشخاص أحيانا.
كتابة المذكّرات يقوّي النصف الأيمن من دماغك
إنّ عملية كتابة المذكّرات تُحطّم كل الحواجز التي تتربّصُ داخل عقلك وتمنعك من التطور نفسيّاً وروحيّاً و حتّى جسديّاً. فإبقاء دفتر صغير في حوزتك لتسجيل كلّ التفاصيل اليوميّة التي تحدث معك، هو بمثابة خطوة أوليّة في رحلة فهم الذات. إذ يُمكّنك ذلك من معرفة المنحنيات التي تتعرّض لها في حياتك من صعود وهبوط، كما ويساعدك على فهم التجارب التي خُضتها بشكلٍ منطقيّ، وأثّرت فيك سلباً أم إيجاباً. وبذلك، تدرك جيداً المواقف التي غيّرت مجرى حياتك، فتستطيع عندئذٍ أن ترى أين أصبحت الآن.
فللكتابة منفذٌ يجد طريقه سالكاً إلى النصف الأيسر من الدّماغ، والذي يعتبر مسؤولاً عن عملية التحليل والتفكير المنطقي، فينشغل بها. في حين يكون نصف المخ الأيمن مُتفرّغاً للخلق والإبداع والإستشعار وفهم الأحاسيس. وفي هذه الحالة، تلعب كتابة المذكّرات في تنشيط نصف المخ الأيمن لديك، وذلك من شأنه أن يساعدك في معالجة الأمور بطريقة منطقية، وفي تكوين رأي وفهم العالم المحيط بك، كذلك يساهم في تكوين تجربة شخصيّة أفضل بكثير.
تجعلك صديقاً لنفسك
تعمل الكتابة ليوميّاتك، كأداةٍ فعّالة ستُغيّر حياتك إلى الأفضل. فالحفاظ على هذه العادة يُمكّنك من الغوص في أعماق داخلك والتّعرّف إلى نفسك أكثر، كذلك يجعلك تصادق نفسك وتقبلها بكل عيوبها وزلاتها. وتقوم هذه العملية على تنشيط جزءاً من الدّماغ يُدعى “نظام التفعيل الشبكي” المسؤول عن إدراك المعلومات وتركيزها وتوجيهها بالشكل الصحيح.
اكتشف باحث متقدم في أبحاث الكتابة التعبيرية لدى جامعة تكساس، أنه عندما نقوم بالتحدّث عن سرّ أو تجربة ما وترجمتها عن طريق الكتابة على الأوراق، ستصبح قابلة للفهم بشكل أكبر.
تخلق التوازن لعواطفك
تعدّ الكتابة عن مشاعرك المُربكة طريقة فعّالة لفهم مختلف جوانب حياتك بشكل أوضح. تُشير الدراسة التي أقامها أخصائي علم النفس في جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس، ماثيو ليبرمان، أنه كلما دوّنت مشاعرك وعواطفك، كان نصف دماغك الأيمن أكثر فاعليّة.
وفي التفاصيل، قام ليبرمان بدراسة مجموعة من الأشخاص كانوا قد قاموا بالتعبير عن تجارب عاطفية حصلت معهم في السابق لمدة 20 دقيقة يوميّاً على مدى أربعة أيام متتالية. فجاءت النتيجة على الشكل التالي: النصف الأيمن من الدّماغ لديهم قد نشطَ عمله بالفعل، وأصبحت عواطفهم أكثر توازناً، وهدأ جهازهم العصبي، كما ارتفعت درجة الوعي والإدراك لديهم، وكانت لديهم القدرة على الإبداع بشكل أكبر. وأثبتت الدراسة أنّه يُمكن للرجال الإستفادة من الكتابة التعبيريّة عن مشاعرهم أكثر من النساء، ويعود سبب ذلك إلى أنّهم غير معتادين على التعبير عن مشاعرهم عن طريق الكلام كالنساء.
وفي النهاية، لاحظ ليبرمان أنّ الكتابة بواسطة اليد لها تأثير أكبر من الطباعة.
كثيراً ما يُوصي المعالجون النفسيّون وأخصائيّو علم النفس بضرورة الإحتفاظ بسجلّ خاص بالمدوّنات التعبيريّة، باعتبار أنّ هذه الطريقة هي إحدى الطُرق المُثلى للمساعدة على تحقيق قدر أكبر من الوعي والإدراك لمختلف المواقف التي تحدث في حياة الفرد، وتمنحك إمكانيّة كُبرى في فهم العواطف والمشاعر والأحاسيس التي تختلج في حنايا روحه وقلبه.
فبعد أن أطلعناك في هذه المقالة العلميّة على أهميّة التعبير الكتابي وتأثيره الفاعل في حياتك ووعيك، هل ستنطلق في هذه الرحلة الشيّقة كمحاولة منك لفهم الذات ؟