تعتبر الكتابة التعبيرية إحدى الطرق التي لها دور كبير في تغيير طريقة التفكير لدى الأشخاص إلى الأفضل. في هذه المقالة، سنقدّم لكم الأهمية الكامنة وراء تدوين مذكراتك/يومياتك عن طريق عرض فوائد هذه الأداة الفاعلة في تحقيق التوازن العقلي لديك.
فإن كانت الواجبات المدرسية تمثل عامل ضغط قوي علي)، أو كنت تعاني من الإرهاق في عملك، سواء أَكُنت مريضاً، أو ان كنت تعاني من القلق ، فيمكن للكتابة التعبيرية أن تكون بمثابة علاج لصحتك الفكرية, إذ أنّ الإحتفاظ بدفتر مذكرات خاص بك مفيد جداً لممارسة عملية رعاية الذات. فهي تساعدك على:
- تحديد مشاعرك
تخلق الكتابة التعبيرية الوعي لديك. فتدوين مشاعرك المتعلقة بأحد المواقف الصعبة التي خضتها، على سبيل المثال، قد يساعدك على فهم الموقف بشكل أفضل، ويتيح لك تكوين تصورات وانطباعات جديدة حول الأحداث.
- تقبّل مشاعرك
تساعدك كتابة مذكراتك على تقبّل مشاعرك من خلال تنظيمها. فقد أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت على مجموعة من الأشخاص، وبعد أن أُقيمت عليهم عمليات مسح للدماغ، أنّ أولئك الذين قاموا بالتعبير عن مشاعرهم كتابيّاً كان لهم القدرة على التحكم بعواطفهم بشكل أفضل من الذين قاموا بالكتابة عن تجربة محايدة. ووجدت الدراسة أيضاً أنّ الكتابة بتجرد عمّا يخالجك من مشاعر، هو أكثر هدوءاً من التعبير عنها عبر سرد الاحداث تفصيليا.
- تخفيف التوتر
تساعد كتابة اليوميات/المذكرات في الابتعاد عن التفكير العميق الذي يدفع إلى الشعور بالكآبة. فالكتابة عن “حدث عاطفي ما” حصل معك، سيُساعدك على الابتعاد عن حلقة التفكير المفرغة بهذا الأمر، والقلق الشديد بشأنه. إلا أنّ بعض الدراسات الأخرى، أشارت إلى أنّ التعبير عن حدث صادم عُشته، عن طريق الكتابة، مباشرة بعد حدوثه قد يجعلك تشعر بالسوء.
- تقليل القلق
الكتابة عن مشاعرك تقلّل من الضغط النفسي. في إحدى الدراسات، طُلب من مجموعة من الأشخاص الكتابة عن مشاعرهم عبر الانترنت لمدة 15 دقيقة طوال ثلاثة أيام في الأسبوع على مدار 12 أسبوعًا. بعد مضي شهر على اتباع هذه العادة، وجد الباحثون زيادة في مشاعر الرفاهية، وانخفاض عدد أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية مختلفة ومن القلق. كذلك، استمرت صحتهم العقلية\النفسية في التحسن خلال 12 أسبوعًا من كتابة اليوميات واختفت أعراض القلق الشديد لديهم.
- التأثير إيجاباً على الصحة الجسديّة
قد يكون للكتابة التعبيرية أثرعلى الصحة الجسديّة. وغالباً ما تقترحها الدراسات كأداة فاعلة لتحسين الحالة الصحية لدى الأشخاص، إذ تقوم على تقوية جهاز المناعة، وعلى خفض مستويات ضغط الدم، وتساعدك على النوم بشكل أفضل، كذلك تساهم في الحفاظ على صحتك بشكل عام، وتمكّنك من تسريع عملية الشفاء.
وجدت دراسة أُجريت على 49 شخصاً بالغاً في نيوزيلاندا، أن أولئك الذي عبّروا عن مشاعرهم كتابيّاً لمدة 20 دقيقة تجاه أحداث مزعجة حصلت معهم، تعافوا بشكل أسرع من الذين كتبوا في مدوّناتهم عن أنشطتهم اليومية.
يساعد التدوين اليومي في التئام الجروح على نحو عاجل. فعلى سبيل المثال، النساء المصابات بسرطان الثدي اللواتي كتبن بشكلٍ إيجابي أو صريح عن تجربتهنّ مع المرض، كان لديهنّ أعراض جسدية أقل، وعدد منخفض من مواعيد المتابعة الطبية المتعلقة بالسرطان.
- زيادة القدرة على التعلم وتقوية الذاكرة

أشارت الدراسة التي أجراها “فريستون” لمعرفة مدى تأثير وفعاليّة فن التدوين على الطلاب ومستويات الكفاءة لديهم، إلى أنّ هذه الأخيرة كانت أعلى في نهاية الفصل الدراسي مما كانت عليه في بدايته. كذلك، تقوّي كتابة اليوميات الذاكرة، وتُعزّز القدرة على الفهم لدى الطلاب. وبالإضافة إلى أنّها تفعّل الذاكرة، فهي تُحسّن القدرة على التحليل.
- تشجعك على الانفتاح
إذا كنت تقوم بالكتابة عن حدث مزعج بالنسبة إليك، فقد يشجعك ذلك الى الوصول إلى الدعم الاجتماعي. وهذا يمكن أن يساعدك في الشفاء العاطفي.
- فن التدوين يساعدك في التخلص من الاكتئاب
إذا كنت تُعاني من الاكتئاب، وخصوصاً الاكتئاب الشديد، ستكون الكتابة التعبيرية أداة فعّالة للتخلص منه، إذ ستمنحك الفرصة للتخلص من مشاعرك السلبيّة المكبوتة، وستبقيك أكثر إيجابيّة.
وفي هذا الصدد، أظهرت دراسة أّجريت في عام 2013، أن الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب اكتئابي كبير، انخفضبت نسبة الاكتئاب لديهم بشكل ملحوظ بعد ثلاثة أيام من الكتابة التعبيرية، بمعدل 20 دقيقة يوميًا.
ختاماً، بدت فوائد فنّ التعبير الكتابي جليّة ومُثبتة علميّاً، حيث أظهرت دراسات عدّة مدى أهميّة هذه العادة وفعاليّتها في خلق التوازن العقلي. بالإضافة إلى دورها في تقليل التوتر، والتخلص من الاكتئاب مع التحكم في أعراضه، وتحسين المزاج، وأخيراً تأثيرها الإيجابي على الصحة الجسديّة.
لذلك، ترقّب مقالتنا التالية التي سنتحدّث فيها عن كيفيّة البدء بممارسة عادة كتابة اليوميّات واستخدامها كأداة علاجيّة.